Maroc info | أخبار المغرب

أولعيد بلغ مئة من العمر ولم تنصفه بعد "فرنسا" التي دافع عنها

أولعيد بلغ مئة من العمر ولم تنصفه بعد "فرنسا" التي دافع عنها

أولعيد بلغ مئة من العمر ولم تنصفه بعد "فرنسا" التي دافع عنها

بدأت القصة عام 1939 ولم تنته ونحن نتجاوز بداية عام 2015. كل شيء حوله يذكرّه بمعاركه مع "فرنسا"،
بدءًا بآثار الجروح التي تزيّن يده ورجله، رافضة أن تذوب في اسمرار الجلد، مرورًا بأوسمة الشرف التي تعتلي غرفته، وانتهاءً بمرارة تحتل القلب عن تعويضات مالية وصلت إلى أصدقائه ولم تصل إليه.
هي قصة عتبي أولعيد، الابن البار لجماعة أفورار بإقليم أزيلال حيث يعيش وهو يحتفل هذه السنة، بكثير من الصمت، بعيد ميلاده المئة. لا تزال ذاكرته رصينة وهي تتذكر بعض ما جرى، ولا يزال صوته قادرًا على توضيح بعض الحقائق قبل أن يغالبه التعب. حارب لأجل الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية ضد أطماع هتلر، وكان أول الجنود الذين رفعوا راية "بلاد الأنوار" عندما اقتمحوا ألمانيا رافعين شارة النصر، وعاد ليحارب لأجلها في معركتها الخاسرة في شمال فيتنام في الفترة ما بين 1951 و 1954.
يتحدث ابنه عبد الحق الذي زار مقرّ هسبريس حاملًا الكثير من الوثائق حول وضعية والده، أن هذا الأخير لم يكن يعلم أيّ شيء عن تعويضاته منذ عودته من شمال فيتنام، ولم يفكّر فيها إلّا عندما توصّل عام 1987 ببطاقة مُحارب، وبعدها وسام الشرف من طرف الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك عام 2004، لتبدأ رحلته مع المراسلات دون أن يستفيد شيئًا.. حتى حق زيارة البلد الذي حارب لأجله لم يُمنح له، يقول الابن.
في وثيقة مؤرخة بالثاني من غشت عام 1953، يتحدث وزير الدفاع الوطني الفرنسي والقوات المسلحة عن أن الطابور الخامس المغربي أبان عن إمكانيات عالية في القتال:" في ميدان يحتضن الكثير من المجال الوعرة، وأمام خصم عدواني يتوّفر على قوة عددية كبيرة، استطاع الطابور الخامس المغربي، الذي كان معزولًا دون أيّ دعم، أن ينجز مهمته بشجاعة كبيرة، كلّفته ضريبة ثقيلة من الخسائر".
في هذه الوثيقة التي تعدّد إنجازات الطابور الخامس المغربي، يظهر اسم أولعيد عتبي كأحد أفراده. غير أن ذلك لم يشفع لهذا المقاتل المغربي أن يعيش بكرامة بعد عودته من جحيم الحرب، إذ وجد نفسه عامل بناء في مقاولات العقار، وبعدها لم يجد غير العمل في البحث عن الفحم داخل غابات أزيلال، فلم يكن يتوّفر على عمل قارٍ قبل أن تختطفه فرنسا كي تضعه في الصفوف الأمامية للقتال ضد القوات النازية.
"منذ 2004 ونحن نطرق الأبواب دون أيّ حل، ومن ذلك السفارة الفرنسية ووزارة الخارجية ومصالح الضمان الاجتماعي وغيرها. في كل مرة يطالبوننا بوثيقة وعندما نحضرها لا نحفل بغير الانتظار" يقول الابن عبد الحق البالغ من العمر 39 سنة، والذي يعمل عون مصلحة في جماعة أفورار، مشيرًا إلى أن الحالة الصحية للأب ماضية في التدهور، وأنه لا يتحرّك من المنزل كثيرًا منذ إصابته بكسر خطير عام 1988.
تتكوّن أسرة أولعيد عتبي من خمس أولاد وثلاث بنات، غالبيتهم يعانون قلة ذات اليد بما أن عبد الحق هو من يتكلّف حاليًا بإعالة والديه. أكثر ما يؤلم الأب هو عندما يسمع بالتعويضات الكبيرة التي يجنيها بعض من كانوا معه:" هناك محارب قديم يتوصّل شهريًا بـ15 ألف درهم. وزوجة محارب لم يقضِ إلا أشهر قليلة في ساحات القتال تتلقى 8 آلاف درهم، بينما يعيش والدي الذي قضى قرابة 9 سنوات في الدفاع عن فرنسا في حالة من العدم" يقول الابن.
يُخطط عبد الحق إلى طلب تأشيرة الدخول إلى فرنسا والسفر هناك حاملًا قضية والده، إذ يُردف في هذا الصدد:" على الأقل، أتمنى أن ينعم والدي فيما تبقّى له من عمر بتعويضاته وأن يحقّق حلم الوالدة بإرسالها إلى الحج. إن حلم إنصافه هو آخر الأحلام التي تبقّت له في هذه الحياة، فليس أشد إيلامًا على الإنسان أن يقضي زهرة شبابه مدافعًا عن بلد يوجد حاليًا في حظيرة البلدان المتقدمة، ثم يفاجأ أن تعويضاته معلّقة إلى أجل غير معروف".



شاهد ايضا